لعله من المواضيع الأساسية التي تعيق المصمم أو المطور في عمله، فهي المرحلة الأخطر والأصعب في الاتفاق مع العميل. النقطة الحساسة هنا أنك تريد أن تجعل هذا السعر مناسباً لك ولجهدك، ولعميلك في آن واحد. فلا يكون هذا السعر مرتفعاً، فيظن بك العميل ظنوناً غير صحيحة، ولا منخفضاً، مما يجعله يشك في نوعية عملك. ببساطة، كل ما عليك فعله هو قراءة المشروع بشكل صحيح، ثم تقدير الوقت والجهد الذي سيستغرقه العمل منك، ثم تقديم خيارات ذكية للعميل.
كيف أقرأ المشروع بشكل صحيح؟
الفكرة من قراءة المشروع هي معرفة حجمه الحقيقي وليس “الحجم الخيالي” الذي قد تقدره أنت من الوهلة الأولى، أو “الحجم البسيط” الذي قد ينقله العميل لك. جرب أن ترسل للعميل أسئلة تخص المشروع لتنتقل معه خطوة بخطوة على طريق العمل الصحيح. لنفرض أن العمل هو عبارة عن مشروع “لتصميم هوية للشركة”، عندها ستكون الأسئلة التي ستقدمها لعميلك مثلاً على الشكل التالي:
• اسم الشركة، مع رابط موقعها على الإنترنت إن وجد.
• شرح فكرة عمل الشركة بكلمات بسيطة.
• الرؤية المستقبلية للشركة.
• ما الذي يضايقك بالشعار القديم؟ أو يجعلك تعتقد أنه يحتاج إلى التغيير؟
• هل تميل لنمط معين بالشعار (رسمي – تقليدي – عصري – حديث – بسيط – معقد)؟
• استخدامات الشعار (هل هي محصورة بالويب والاستخدام الطباعي؟).
• هل يمكنك أن ترسل لي بعض نماذج الشعارات التي تعجبك لشركات عالمية أو محلية؟
• أي أفكار أو أشياء تريدني أن ألتزم بها (ألوان – أشكال – أو أي شيء آخر)؟
يمكنك أن تضيف أي شيء يساعدك على قراءة العمل ومعرفة حجمه وفهم تطلعات عميلك جيداً. أضف إلى ذلك أن إجابات العميل على هذه الأسئلة تحدد مدى جديته بالعمل، وتعكس طبيعته واهتمامه بما ستقوم به. بعض العملاء يراسلونك لمجرد التسلية وإضاعة الوقت، والأسئلة تبين للعميل المهتم أنك مهتم أيضاً، ومن ثم ستحصل على إجابات صادقة وحقيقية تساعدك وتساعده على الاستمرار.
هل أسعّر تبعاً لعدد ساعات العمل؟
سواء قمت بالحساب بناءً على عدد ساعات العمل أم بناءً على المشروع نفسه، هذا أمر تحدده أنت. لكن إياك وإخراج ناتج سعر ساعة العمل لديك باستخدام طرق ومقاييس غير منطقية. فمثلاً، معادلة مثل: (مصروفك الشهري مضروباً بالمبالغ التي صرفتها على عملك مطروحاً منه عدد المشاريع التي قمت بها، ثم يقسم الناتج على عدد ساعات عملك باليوم) ليخرج سعر الساعة لديك. صدقني، هذا كلام فارغ وليس له معنى. ببساطة، المبلغ الذي تستحقه لقاء جهدك في العمل هو رقم يعتمد على مهارتك بما تقوم به، وعلى خبرتك. والسعر الذي تحدده هو رقم يناسبك ويجعلك مرتاحاً بما تقوم به، ويجعل عميلك راضياً عما تقدمه له لقاء هذا السعر.
هل يعني ذلك أن التسعير شيء عشوائي؟
لا، لم أقصد ذلك. التسعير يعتمد على الخبرة والمهارة. بعد عدد معين من الأعمال، سيصبح الأمر بديهياً لك، وستتوقع كم ستستهلك من وقت في العمل، وكم سيأخذ جهداً منك. في العمل الأول، قد تكتشف أنك أخذت أقل من حقك، أو أن العمل قد أخذ منك وقتاً طويلاً ولم يكن المقابل يستحق ذاك الجهد. في المرة الثانية، ستطلب سعراً آخر قد تجد بأنه سعر جيد، وستضعه على الهامش، ثم ستطلب نفس السعر في الأعمال المشابهة. قد تضحي بالجانب المادي في مقابل الخبرة أو الشهرة التي ستحصل عليها لقاء قيامك بالعمل. هذا السيناريو أجده الأنسب والأكثر واقعية في مجال التسعير.
ما هي الخيارات الذكية في التسعير؟
الخيارات الذكية هي تقديم عدة أسعار للعميل ليختار منها الأنسب. قدم له مثلاً سعرين أو ثلاثة:
• سعر منخفض مع خيارات أقل.
• سعر متوسط مع خيارات جيدة.
• سعر مرتفع قليلاً مع خيارات ذكية ومناسبة.
هذه الطريقة تجعل العميل يشعر بأنه هو من يختار الأفضل. قد يفضل أن يدفع شيئاً إضافياً مقابل الحصول على خدمة أو ميزة تخصه، أو قد يفضل الحصول على ما يحتاجه فقط دون أي شيء إضافي.
وهل انتهينا الآن؟
التسعير ليس شيئاً تقوم به مرة وتنتهي منه. دائماً هناك مشاريع جديدة، وطلبات إضافية، وأمور مختلفة، وأشخاص مختلفون قد تقدم لهم أسعاراً مختلفة. قد تتغير معك بعض الأمور، وقد تكتشف أشياء أخرى. التسعير يعتمد عليك أنت، وبعض الملاحظات العامة والجانبية التي قد تفيدك في هذا الأمر، وأخيراً خبرتك. الآن يمكنني القول… أننا انتهينا 🙂
على الهامش
كل ما ذكرته بالأعلى، يتبع رأيي وطريقتي في العمل، وليس بالضرورة أن يكون صحيحاً وملائماً للجميع.
