التسعير وفق ميزانية العميل: متى نستخدم هذا الاسلوب

التسعير وفق ميزانية العميل: متى نستخدم هذا الاسلوب

الفكرة الأساسية من هذا الأسلوب بشكل سريع، هي أن تطلب من عميلك أن يحدد لك الكلفة أو الميزانية المناسبة له لإتمام المشروع. شخصيًا، لا أستخدم هذا الأسلوب بشكل دائم؛ فعادةً أعتمد على تقديم مجموعة من الأسعار التي أعمل بها وفقًا لعدة أحجام مختلفة متعلقة بالعمل. إذا لم تناسب العميل، يعتذر كلانا عن العمل. ولو أراد العميل ذكر ميزانيته “دون نية مساومة بطريقة أخرى”، أسمع وأفهم حجم العمل مقابلها جيدًا. وإذا أحببتُ، أكملت العمل، وإذا لم يناسبني، اعتذرت وتوقفنا عند هذا الحد.

 

استخدمت هذا الأسلوب مرتين أو ثلاث مرات في عملي لأسباب تتطلب استخدامه. في إحدى المرات، كان العميل يمتلك حجم عمل أكبر من أن يُذكَر، وفي المرة الثانية كان العميل يمتلك حجم عمل أصغر من أن يستطيع التعبير عنه. في الحالة الأولى، ناسبه الأمر وعملنا وفقًا لميزانيته وكانت التجربة جميلة. أما في الحالة الثانية، فقد استنكر العميل هذا الأسلوب ووصفه بعدم الاحترافية من قبلي، وكان متوقعًا أنني سأخيب ظنه بهذه الطريقة التي رأى أنها تدل على عدم الجدية.

 

لذا أسأل نفسي وأسألكم الآن: ما السبب؟ هل التجربة الأولى الناجحة تعني استخدام هذا الأسلوب بشكل دائم؟ أم أن التجربة الفاشلة تعني عدم استخدامه كونها قد تعبر فعلًا عن عدم الاحترافية؟

 

بداية، لنعرّف العملية التجارية بين أي شخصين

الفكرة “كما أفهمها أنا” من أي عمل تجاري لأي شخص يقدم خدمة ما هي: توفير حل “جهد + وقت + كلفة + أسلوب” يناسب الغاية أو الهدف التجاري للعميل.

 

إذا قدمت حلًا وكلفة أكبر من الميزانية التجارية للعميل، أكون قد فشلت!

وإذا قدمت حلًا أو كلفة أصغر من الميزانية والحجم التجاري للعمل، سأكون قد فشلت أيضًا!

 

لنعرف أسلوب التسعير وفقًا لميزانية العميل

التسعير حسب ميزانية العميل هو أسلوب عمل وتحديد للجهد والمقابل، غايته الأساسية الوصول لكلفة أدق وأفضل وأكثر إنصافًا واحترافية للطرفين ولكن بأسلوب آخر، وهو تمامًا كالتسعير وفقًا لعدد ساعات العمل مثلًا. وهو ليس كلامًا غير علمي أو يدل على أن المصمم أو المطور شخص لا يعرف كيف يقدم سعره للعميل، كما أنه ليس أسلوبًا للمساومة أو لعدم العمل.

 

لماذا علينا الحذر عند استخدام هذا النمط؟

خصوصًا في بداية الطريق وفي مجتمعنا المحيط “وليس عالميًا”، وذلك لسببين رئيسيين:

 

الأول: أن بعض العملاء سيستخدم هذا الأسلوب لمساومتك بطريقة رائعة وبسيطة بالنسبة له ودون أن يلطخ ماء وجهه. غالبًا لن يقدر جهدك وستدخل في حلقة التخفيض الدائم له ولكل شخص يأتي من طرفه، ناهيك عن عدم تقديره لوقت المشروع أو في حال أخطأت بجزئية معينة “لأنك بشر”، سيفهم أن لها عقوبة وهي تخفيض من نوع آخر.

الثاني: أن الأشخاص قليلي الخبرة والاطلاع في هذا المجال قد يرون هذا الأسلوب نوعًا من أنواع عدم الاحترافية، وهو ما حصل معي في بداية هذه المقالة، حيث لن تستطيع استخدام هذه الطريقة مع الجميع وفي كل الحالات.

 

متى أستخدم هذا الأسلوب في التسعير؟

لماذا لا أستخدم أسلوب التسعير وفق عدد الساعات مثلًا، أو وفق خطط منسقة بعناية تناسب احتياجًا معينًا، وأسأل العميل عن ميزانيته؟

 

التسعير بهذه الطريقة مناسب جدًا للأعمال مجهولة الحجم

سواء الصغير منها أو الكبير. كأن يقول لك العميل: حجم العمل بسيط جدًا وما أحتاجه هو خطوط أساسية تعطي جمالية للعمل، أو أن يقول: إن العمل غير واضح تمامًا لي وهناك بعض الأفكار التي ما زلت أعمل عليها. قد يكون العميل يملك في مخيلته حجمًا معينًا وأسلوبًا معينًا للمشروع قد لا يتضح لك بريدياً أو بمكالمة سريعة. في هذه الحالة، من الأفضل برأيي أن تعتمد هذا الأسلوب بأن يحدد لك ميزانيته المتوقعة وتعمل وفقًا لها إذا ناسبتك “بعيدًا عن الشروط وتحديد حجم العمل وغيره من الأمور المسلم بها”. كما أن استخدام أسلوب التسعير وفقًا لعدد الساعات مناسب جدًا في مثل هذه الحالات.

 

التسعير بهذه الطريقة مناسب جدًا للخطة B

لنفرض أنك قدمت للعميل عرض سعر معين بخصوص مشروع معين، ثم وجد هذا المبلغ كبيرًا واعتذر عن العمل. في بعض الحالات وليس دائمًا، قد يكون من المفيد جدًا أن تسأله عن ميزانيته لتقوم بتحجيم العمل وفقًا لها. قد يكون تقديرك خاطئًا لحجم العمل وما يحتاجه بالضبط، وهذا لا يعني تخفيض جودة عملك وفقًا لميزانيته. لكن يمكنك مثلًا تغيير هيكلية المشروع ومهامه وتأجيل مهمة معينة أو جزئية معينة لمشروع منفصل آخر مع إيضاح هذا الأمر له، بأنك ستقوم بالمهمة A بهذا المبلغ وسنؤجل B لمشروع آخر منفصل. غالبًا ما سيكون الأمر مناسبًا لك وللعميل، فعندما تزيد ميزانيته سيعود ليعمل معك في B وأنت ستكون قد حصلت على مقابل مناسب لحجم العمل.

 

التسعير بهذه الطريقة لا يعني استلام العمل بأسلوب آخر

أو تخفيض الكلفة بأسلوب راقٍ. نعم قد يكون كذلك في حالات معينة، لكنه ليس أسلوبًا ماديًا بحتًا يتعلق بالسعر والالتفاف على العميل بطريقة أخرى. بل هو أسلوب تسعيري أو منهجي قائم بحد ذاته غير مرتبط بالتخفيضات فقط.

 

قرأت مرة في مكان ما: “أن الناس الذين يشترون ويبيعون وفقًا للسعر فقط، غالبًا لا يعرفون كلمة ‘إخلاص’ سواء كمشتري أو كبائع”، ومهما كانت طريقة التعامل مع هذا السعر. هذا يعني أن العميل الذي يساومك بشكل كبير ومتكرر لن يعود يومًا ما، وسيذهب لشخص آخر فقط لأنه حصل على سعر منخفض أكثر من الذي قدمته أنت. وكذلك المصمم الذي يعمل وفقًا للمقابل فقط مهما كان أسلوبه، فهو أيضًا لن يعرف كلمة إخلاص لا في عمله، ولا تجاه عميله، ولا عندما يعود هذا العميل مرة ثانية.

 

التسعير بهذه الطريقة لا يعني أن تعمل بميزانية صغيرة

السؤال الآن: ماذا لو كانت ميزانية العميل صغيرة ولا تناسبني وطلب مني العمل وفقًا لها؟ ببساطة، لا تعمل. ليست الغاية من هذا الأسلوب العمل بسعر منخفض. ودائمًا ما أفكر بمعادلة التسعير المنخفض بهذه الطريقة:

 

معادلة التسعير المنخفض:

التسعير المنخفض يؤدي للجودة المخفضة.. وستؤدي هي حتمًا لعدم رضا العميل.. وذلك سيؤدي لدعاية سيئة تخص عملك وما تقوم به.. وبالتالي قلة العملاء وتدفقهم عليك.. وبالتالي انخفاض دخلك والمردود المالي.. وهذا يعني فوضى مالية وتخبط داخلي.. ثم استلام مشاريع من أجل البقاء فقط (Survive).. ثم الفشل.

 

قبل الختام

هذه بعض النقاط المهمة التي تخص التسعير:

1. الخطوة الأولى الأساسية وقبل أي شيء هي فهم المشروع تمامًا.

2. الخطوة الثانية هي مناسبة المشروع لك، ومناسبتك له. فقد لا تكون الشخص الأنسب له.

3. الخطوة التي تليها “محاولة فهم حجم المشروع” وليس بالضرورة تقدير حجمه الفعلي الحقيقي.

4. إذا لم تستطع، يمكنك أن تحدد أسلوب آخر للتسعير “بالساعة أو وفقًا للميزانية”.

5. تذكر أن الغاية من التسعير ليست تخفيض السعر أو زيادته لاستلام العمل. الغاية هي توفير “حل” يناسب العميل ويناسب جهدك في توفيره.

 

في الختام

كما أقول دائمًا، كل ما كتبته هو من وجهة نظري ومن تجربة شخصية بحتة، واطلاع بسيط على أسس التسعير وتجربة أغلبها في عملي. لم أشمل بالتأكيد كل ما يخص هذا الأمر، وما ذكرته ليست قواعد مناسبة حتمًا لك ولعميلك، لكنه أساس بسيط من تجربة شخصية من المهم أن تطلع عليه ثم تهيكل الأمر وفقًا لما تجده مناسبًا ووفقًا لأسلوبك وطريقة عملك.

Leave a comment

Please note, comments need to be approved before they are published.