رغم الضغط الكبير الذي يثقل كاهلي، إلا أن ذلك لا يمنعني عن القراءة. ليس لأن القراءة هي الحياة، أو لأنني تعلمت في المدرسة أن علي قراءة صفحة كل يوم، بل ببساطة لأنني أحب القراءة! حاليًا، أقرأ كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” للكاتب ستيفن كوفي، والذي حقق مبيعات تجاوزت 13 مليون نسخة. بصراحة، الكتاب رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ما زلت في الصفحات الأولى، لكنه يشدني إليه أكثر مع كل صفحة أتجاوزها.
سألخص لكم الكتاب إن شاء الله عندما أنتهي منه، أو قد أختار تلخيص كل عادة من العادات بشكل منفصل. حاليًا، استوقفتني قصة قصيرة يتحدث فيها الكاتب عن “الصورة الذهنية المسبقة” وما تحمله من معانٍ عميقة.
يبدأ الكاتب القصة قائلاً:
“كان الركاب جالسين في سكينة في أحد القطارات بمدينة نيويورك؛ بعضهم يقرأ الصحف، والبعض مستغرق في التفكير، وآخرون مغمضو الأعين في استرخاء. الجو كان ساكنًا ومفعمًا بالهدوء. وفجأة، صعد رجل يصحبه أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وهرجهم عربة القطار، ونقلوها على الفور من حال إلى حال. جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه، غافلاً على ما يبدو عن الموقف كله.
كان الأطفال يتبادلون ويتقاذفون الأشياء، بل ويجذبون الصحف من الركاب. كان الأمر مثيرًا للإزعاج، ورغم ذلك استمر الرجل في جلسته إلى جواري دون أن يحرك ساكنًا.
كان من الصعب ألا أشعر بالضيق. لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد والسماح لأبنائه بالركض هكذا دون ضابط، دون أن يفعل شيئًا، ومتخليًا عن مسؤوليته تمامًا. وأخيرًا، وبقدر غير معتاد من الصبر وضبط النفس، التفتُّ إلى الرجل قائلاً: “إن أطفالك يا سيدي، يسببون إزعاجًا للكثير من الناس، وإني لأعجب إن لم تستطع أن تكبح جماحهم أكثر من ذلك.”
فتح الرجل عينيه كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى، وقال بلطف: “نعم، إنك على حق. يبدو أنه يتعين علي أن أفعل شيئًا إزاء هذا الأمر. لقد قدمنا لتونا من المستشفى حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة. إني عاجز عن التفكير، وأظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف أيضًا.”
هل لك أن تتخيل شعوري؟ لقد حدث تغيير في الصورة الذهنية فجأة. رأيت الأمور بصورة مختلفة، ونظرًا لأنني رأيت بصورة مختلفة، فقد فكرت بصورة مختلفة، وأحسست بصورة مختلفة، وتصرفت بصورة مختلفة. لقد انطفأ غضبي، ولم أعد أعبأ بالتحكم في توجهي أو في سلوكي. وامتلأ قلبي بالألم على الرجل، وتدفقت مشاعر التعاطف والرحمة دون قيود. “هل ماتت زوجتك للتو؟ إنني آسف! هل تتحدث معي بشأنها؟ هل يمكنني المساعدة؟” لقد تغير كل شيء في لحظة…
لن أستنبط لكم حكمة التدوينة ولن أضيف أكثر مما كتب. لكن صدقًا، الموقف الذي وضعنا فيه الكاتب موقف غريب ولن يُنسى، على الأقل بالنسبة لي شخصيًا. ما رأيكم أنتم في القصة؟