يظن بعض الأشخاص أو المؤسسات التجارية أن العمل معهم يُعد ميزة – وأنك إذا عملت معهم، قد تتغاضى عن الجانب المادي “لمجرد أنها فرصة لا تتكرر” أو تقبل بنسبة 5% فقط من المقابل الذي تستحقه، لمجرد أنه “فلان الفلاني” أو لأن مؤسسته تحمل اسمًا وشهرة في مجاله المحيط. هذا الأمر مر عليّ أكثر من مرة، وهو نفسه السبب الذي جعلني أرفض العمل مع أشخاص بهذا الفكر. وكما ذكرت في تدوينة سابقة، هذا ليس تكبرًا على النعمة، بل حفاظًا عليها وعلى كرامتك وكرامة المهنة التي تعمل بها. لكن يبدو أنك حتى ولو لم تعمل مع أحدهم أو قدت تجربة فاشلة معهم وقررت عدم تكرارها، لن يخرجوا من رأسك وعالمك، فهم أشخاص يبنون نجاحاتهم وقصصهم عليك وعلى من حولك.
والمشكلة أنك في البداية قد تظن أن الأشخاص الذين يحملون هذا الفكر هم أصحاب المواقع والشركات التقنية الكبيرة المشهورة أو أصحاب المشاريع الناجحة فقط، لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا صحيحًا. بل المحزن أكثر في هذا الأمر أن الأشخاص الذين يحملون هذا الفكر هم أنفسهم الذين يقدمون لك النصائح في كل لحظة، “وما هذه النصائح والجمل الطويلة إلا مجرد وسيلة تسويقية بحتة” وبطاقة ذهبية يظهرها في المعارض والمنتديات وعلى بعض الشاشات، ويجوب بها معلقًا في كل ركن وزاوية.
وفي كل مرة أفتح فيها عيني وأكتشف شخصًا بهذا الفكر والمنطق والأسلوب في التعامل، أوقن أن أغلب من يتبجح طوال الوقت هو فاشل بكافة المقاييس على أرض الواقع، سواء في التعامل مع عملائه إن كانت مهنته تتطلب ذلك، أو في التعامل مع الأشخاص إن احتاج لعمل ما، أو حتى في مشروعه إن أنجزه وأكمله قبل أن يفكر في تركه والتحدث عن نجاحاته فيه.
والأسوأ من ذلك، أنك سواء عملت معه أم لم تعمل، وصلت معه لاتفاق أم لم تصل، سيعود لينسب نجاحك له يومًا ما. وبأول رسالة وفرصة يجدها مناسبة، قد يبارك نجاحاتك ويعظمها، ومن ثم يبارك لنفسه ويفتخر أنه توقع لك النجاح يومًا ما أو أنه صنعه “ونشر تغريدة” كانت سبب وصولك للنجاح.