عندما كنا صغاراً، كنا فضوليين جداً، وكان لهذا الفضول دور كبير في فهمنا واستيعابنا لما حولنا. ومع مرور الوقت وكبرنا، بدأنا نخسر هذه الميزة شيئاً فشيئاً. أن تكون فضولياً يعني أن تسأل أكثر، أن تكون فضولياً في عملك يعني أن تفهم عميلك وعملك ومجالاته بشكل أعمق. الفضول يجعلك تراجع نفسك، خياراتك، وحتى قراراتك بشكل أكثر دقة. وفيما يلي نقاط توضح أهمية الفضول في عملك:
كن فضولياً تجاه أسئلتك لعملائك
كن فضولياً لأبعد حد في أسئلتك لعميلك. حضر نموذجًا يحتوي على أسئلة عامة واعتمد عليه مع عملائك، ولكن لا تكتفِ بذلك فقط، بل طور الأسئلة وأضف إليها مزيدًا من الفضول الذي يختلف باختلاف العميل ونمط عمله. اسأل أكثر قبل أن تبدأ العمل. في بداية مسيرتي المهنية، أخطأت عدة مرات بسبب التأخر في طرح بعض الأسئلة أو عدم طرحها أصلاً، وكانت النتيجة تأثير سلبي على العمل، وأحيانًا توقفه بالكامل. في أحسن الأحوال، كنت أجد نفسي مضطراً لإعادة جزء كبير من العمل. الفضول في هذه الحالة ليس محرجاً، بل هو واجب عليك تجاه عميلك.
كن فضولياً تجاه مجالك ومهنتك
مجالنا، سواء كنت مصمماً، مطوراً، أو كاتباً، مستقلًا أو صاحب شركة، يتغير باستمرار. إذا بقيت على نفس المعلومات أو النمط الذي كنت عليه قبل عام، فهذا يعني أنك لا تتقدم وهناك من تخطاك بمراحل. الفضول تجاه عملك يعني البقاء مطلعاً على أحدث التطورات، مشاهدة المزيد من الأعمال والنماذج، وقراءة كتب أو مقالات مرتبطة بالمجال. هذا الفضول هو واجب عليك تجاه مهنتك وما تقوم به.
كن فضولياً تجاه نفسك وطريقك
هل ما زلت على الطريق الصحيح؟ هل ما زال لديك الشغف تجاه ما تقوم به؟ هل تلك القرارات التي اتخذتها قبل عام ما زالت منطقية وصالحة حتى اليوم؟ جرب التفكير في هذه الأسئلة وأعد النظر فيها بطرق مختلفة. انظر لنفسك وعملك وقراراتك بنظرة حيادية خارجية. الفضول بإعادة التفكير في هذه الأمور هو واجب عليك تجاه نفسك.
الفضول يعني التعاطف
عندما تواجه ردود أفعال سيئة، غير مناسبة، أو حتى وقحة من أحد الأشخاص، حاول أن تبحث عن السبب قبل أن تحكم عليه. نفس الأمر ينطبق على العملاء؛ ليس بالضرورة أن تكون كل المشاريع سلسة وتنتهي بانسيابية. ليس من الضروري أن يعاملك العميل بالطريقة التي تتوقعها أو بالاحترام الذي تستحقه. الفضول في هذه الحالات قد يغير ردك أو حتى قرارك. جرب أن تكون فضولياً واسأل عن السبب إذا استطعت، وإذا لم تستطع، أجل ردك عليه، فقد تتغير القصة كلها.
الفضول في قصة صغيرة
في كتاب Work for Money, Design for Love، يروي الكاتب David Airey قصة قصيرة توضح معنى الفضول بطريقة أخرى. في عام 2009، ذكر مصمم شاب يدعى Jon Engle في موقعه أن إحدى الوكالات الإعلانية بدأت دعوى قضائية ضده بمبلغ 18000 دولار بسبب انتهاك حقوق النشر، رغم أنها كانت هي من انتهكت حقوق أعماله. انتشر الخبر سريعاً بين المصممين والمواقع الإخبارية، وبدأ العديد منهم بالتضامن مع Jon دون التحقق من القصة بالكامل. ولكن بعد الاطلاع بشكل أعمق، تبين أن Jon هو من قام بانتهاك حقوق الشركة، وقد أدى تسرعه إلى إلحاق ضرر كبير بسمعته.
المسؤولية لا تقع على Jon فقط، بل على جميع الأطراف التي لم تبحث عن القصة وتفهمها بشكل كامل قبل نشرها وإيصالها للإعلام.
الخلاصة:
تجاه عميلك وعملك، أو حتى نفسك ومهنتك ووجودك فيها، وكما هو الحال في كل شيء في هذا العالم، هناك دائماً وجهان لكل قصة وسؤال. ابحث عنهما وابقَ فضولياً قدر استطاعتك.
جزء من التدوينة من كتاب Work for Money, Design for Love.