كيف بدأ العيد يفقد معناه: من الزيارات العائلية إلى الرسائل النصية

كيف بدأ العيد يفقد معناه: من الزيارات العائلية إلى الرسائل النصية

مع مرور الوقت وتغير الأزمنة وتطور الحياة العملية، بدأت بعض الأشياء الهامة في حياتنا تفقد معانيها المختلفة. وبما أن الأعياد تُعد من الأمور الأساسية في حياة أي شخص، نجد أنها كغيرها بدأت تفقد بعض معانيها، والتي تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص.

إحدى هذه المعاني الهامة في العيد هي الزيارات والاجتماعات العائلية، التي تميز العيد عن غيره من الأيام والأوقات الأخرى. سأذكر في هذه التدوينة، ومن وجهة نظري، الروتين الذي بدأ يفقد زيارات العيد بشكل خاص معانيها من القديم حتى يومنا هذا!

 

في القديم…

عندما نحب أن نتذكر جمال أي شيء مقارنة بوقتنا الحالي، نتذكر ماضيه وبداياته. ولأننا لن نستطيع تحديد بداية الأعياد كونها موجودة منذ آلاف السنين، يمكننا القول إنه في الماضي، عندما كان للعيد معناه، كانت المعايدات تتم من خلال الزيارات المتنوعة، حيث قد يمتد العيد لأيام بسبب كثرة الأقرباء وتنوعهم واختلاف أماكن سكنهم. وبغض النظر عن طول الزيارة، تكمن الأهمية الأساسية للزيارة في الاطمئنان على حالهم وقضاء بعض الأوقات الجميلة. بهذا الشكل، يمكننا القول بثقة إن العيد كان بمعناه الخالص والجميل.

 

عندما تطورت الحياة قليلاً…

أصبحت الزيارات تتم للأقارب من أهل وأعمام وأخوال وبعض الأصدقاء، وباختصار، لمن لا توجد بيننا وبينه مشاكل أو عداوات. بدأنا نختصر عدد الزيارات وننتظر الصدفة لملاقاة الآخرين في الطريق أو في أي مكان لإلقاء كلمة معايدة عليهم، أو حتى نقلها من شخص إلى آخر. المهم بالنهاية أن تصل كلمة المعايدة كونها شرطًا أساسيًا رغم صغر حجمها وكبر معناها.

 

ومع أول ظهور للهاتف الثابت…

بدأ عدد الزيارات يقل، وأصبح مقتصرًا على الأهل والأقارب والأصدقاء المقربين جدًا، بينما نكتفي بمعايدة الآخرين عبر الهاتف. طبعًا قد تتفاوت نسبة الزيارات للأشخاص أنفسهم، لكن بالنظر للنسبة الأكبر، نجد أن نسبة الزيارات قد قلت للنصف أو حتى أقل. بكلمة أخرى، بدأنا نستفيد من التطور ونستهتر بمعاني العيد بشكل ملحوظ وخاطئ.

 

عند أول ظهور للهاتف المحمول “الموبايل”…

اقتصر الأمر على زيارة الأهل، أما الأقارب والأصدقاء الذين كنا نزورهم في الأعياد السابقة، بدأنا نشطبهم من القائمة، ونزور الأهم فالأهم تبعًا لقائمة عقلية تعتمد على عوامل عدة مثل الحساسيات، تفاوت المستويات، اختلاف الثقافات، وغيرها. أما بالنسبة للباقي، فبدأنا نكتفي بإرسال رسالة نصية لهم من هاتفنا المحمول، مع محاولة ابتكار رسالة مميزة وجميلة لإثبات أننا قد تذكرناهم، رغم سلبية اختفاء معاني الزيارة.

 

ومع انتشار الهاتف المحمول بكثرة…

أصبح العيد مقتصرًا على الرسائل فقط، بل لم نعد نشغل أنفسنا بكتابتها أيضًا، بل نكتفي بتحديد رسالة واحدة وإرسالها إلى 10 أو حتى 100 اسم من قائمة الأسماء، ثم نضغط على زر الإرسال لنعود إلى ما كنا نقوم به. أصبحت أيام العيد كالأيام العادية، أو في أفضل تقدير، أيام عطلة قد نشغلها بأي شيء نجده مناسبًا. وبذلك، بدأنا نلغي وبشكل ملحوظ ومبالغ فيه زيارات العيد.

 

الخلاصة…

مع أنني لا أخفي استيائي من الأوقات الضائعة والساعات الطويلة المهدورة في الزيارات، إلا أن إلغائها تمامًا ليس الحل. الفكرة هي في تنظيم الزيارات خلال الأيام الأولى من العيد، والمرور على الأهل أولاً، ثم بعض الأقرباء، ثم الأصدقاء. لا بأس أيضًا من إرسال بعض الرسائل القصيرة لمن تصعب زيارتهم أو لمن تنوي زيارتهم في وقت لاحق. بذلك، نطبق الغاية الأساسية للأعياد وهي معايدة الأقرباء والاطمئنان على أحوالهم، وصل الرحم، وتغيير الروتين اليومي الذي نعيشه خارج أيام العيد، لنخرج من العيد مشحونين بالطاقة لنكمل حياتنا وأعمالنا اليومية.

Leave a comment

Please note, comments need to be approved before they are published.