إذا كان هناك شيء في هذا العالم يمكن أن يضر بمسيرتك المهنية ويؤدي إلى تحطيمها في لمح البصر، بل ويجعل كل من حولك يكرهك ويستاء منك، فهو التسويق الفاشل. وأقصد هنا “الفشل في طريقة التسويق نفسها”، أي أن تكون الطريقة بحد ذاتها خاطئة منطقياً وعقلانياً، ومهنياً، بل وأحياناً أخلاقياً. فمصطلح التسويق أكبر وأشمل من أن أتحدث عنه وأحصر طرقه الصحيحة أو الخاطئة هنا، “على كلٍ لست بتلك الخبرة التي تؤهلني لذلك”، لكني أتحدث هنا عن المسلمات أو البديهيات لأي مستخدم “بل لأي شخص”. وإن كنت سأتحدث بطريقة صريحة أكثر “فسأسميها الطرق الغبية في التسويق”.
التسويق عبر البريد – الحبشة 1669
نعم، أقصد هذه الطريقة مبتذلة لدرجة تجعلني أشعر أنها وجدت منذ عام 1669 وهي باختصار تخبرك بالتالي:
احضر قائمة تحوي 5015 شخصًا أو جهة أو شركة مختلفة “دون إذن أو موافقة منهم، ببساطة أي أحد راسلك أو رسالته سابقاً، أي صاحب موقع أو مدونة، أي شخص مر اسمه عليك، أو قم أيضاً بشراء بعض الإيميلات، افعل أي شيء حتى تجمعهم”.. ثم أرسل بريدًا إلكترونيًا جماعيًا تتحدث فيه عن نفسك، وعملك، وإبداعك، وأرفق فيه سيرتك الذاتية، وبعضًا من أعمالك، ولا مانع من بعض الأفكار المستقبلية والنصائح الشخصية لهم.
الروابط المنشطرة المستفزة
وأيضاً نعم، أقصد أنها تتكاثر بالانشطار وتتمدد بالحرارة والبرودة والرطوبة، ومفهومها ببساطة:
بأن تضع رابط موقعك في كل مكان حولك.. أي مكان تجد فيه مربع نص، بل في كل مكان تجد الناس تتحدث فيه عن شيء معين، اقحم نفسك بينهم وضع رابط موقعك أو مدونتك وأخبرهم بأنك ذكي جداً، وقد تحدثت عن هذا الأمر قديماً – حتى قبل عصر التسويق البريدي الذي تحدثنا عنه منذ قليل.
المبالغة المقيتة
أنشئ موقعاً “غير عادي” لتقديم خدمات “غير عادية” كموقع كبير جداً يتحدث عن التسويق (كونها فكرة فريدة من نوعها ولم يقم بها أحد سابقاً)، ثم ابدأ بالمبالغة في الأرقام وحجوم المبيعات الخيالية التي حققتها، ووضح للجمهور الكبير حجم السعادة التي تركتها عند البشر بمنتجك “الغير عادي”، ولا مانع من بعض الاقتباسات من مواقع كبيرة وتعديلها بما يتناسب مع موقعك “الغير عادي”.
CEO & Founder
ضع في السيرة الذاتية الخاصة بك عبارات كـ ”CEO & Founder” لشركة وهمية، أو صغيرة لدرجة أنها تضم اسمك فقط. ولم لا تخبرهم أنك Entrepreneur أيضاً – أين المشكلة؟ .. أو يمكنك أن تسمي نفسك خبيرًا في شيء ما – طبعاً “دون” مبالغة.
يسمونه اقتباس!!
انسب أعمال غيرك لنفسك، فإن كنت مصمماً، استخدم بعض تصاميمه بطريقة مباشرة “أو غير مباشرة” لتوضح أنها من صنعك، بل ضعها بشكل مباشر ووقح. وإن أحسست أنك قد حشرت في الزاوية وبات الأمر واضحاً للجميع، تبجح بأنك وجدته على الإنترنت والإنترنت للجميع، بل أنك إنسان ولك حقوق في السرقة ونحن في زمن حرية المعلومات، وفي النهاية المهم أن هناك بعض العملاء ظنوا أنها من صنعك.
خبير في كل شيء
أنشئ موقعًا شخصيًا، وضع فيه كل البرامج والتقنيات الحديثة، ثم أخبر الناس أنك تعرفها كلها، وخبير في كل منها – ولو كان كل منها اختصاصًا بحد ذاته، فما المانع من ادعاء الخبرة في المايا أو الثري دي ماكس، وبرمجة الويب، والأيفون، والأندرويد، ممممم والجافا سكريبت – وصحيح، كدت أنسى الفوتوشوب البرنامج الذي يتقنه الجميع.. فكتابة أسماء البرامج على لوحة المفاتيح.. مجانية.
روبن هود
قرصن بعض المحتويات من الإنترنت، ثم وزعها على من حولك ومتابعيك مجاناً بحجة “الفائدة”، ولا مانع ببعض الشهرة أيضاً فأنت لديك محتويات مجانية، موجودة في العالم كله بشكل مدفوع – لكنك توزعها مجاناً على الفقراء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة.
استغلال الشهرة
شخصياً أعشق هذا الأسلوب البائس، وهو ببساطة أن تستخدم اسم أحد المواقع الشهيرة أو الناشئة “العربية، أو الأجنبية” وتتحدث عنه لتصب الموضوع في النهاية لصالح نفسك، وفي سبيل مصلحتك ومصلحة عملك، وتأكد بأن هذا الأسلوب ذكي ومخفي لدرجة كبيرة، تجعل الجميع يلاحظه.
المترجم الحنون
نعم، لما لا؟ مقالة أجنبية تتحدث عن الموقع الغريب المسمى “فيس بوك”، قم بترجمتها، واستبدل كلمة “فيس بوك” بـ “اسمك” أو اسم موقعك، وانشرها، فالقراء أغبياء لا يعرفون تلك اللغة “المسماة: الإنجليزية” والتي تعرفها أنت فقط.
شخصية العام – TIMES
قم باستخدام مصطلحات كـ “لقاء حصري مع فلان الفلاني = يعني أنت – فلان الفلاني يكشف أسرار العمل على أعجوبته التاريخية” وإن أحببت، لما لا تنشئ موقعًا إخباريًا، وتخصصه لنفسك وضع في خطته الخمسية، 7 لقاءات أسبوعية معك، و7 مقالات يومية عن أعمالك ومخططاتك، ولا مانع ببعض حوادث الاغتيالات الفاشلة.
في النهاية
هذه التدوينة ليست للإحباط، بل لمحاولة الإصلاح، فهناك جزء كبير مما تحدثت عنه في الأعلى منتشر في مجتمعنا العربي، وما زلنا حتى يومنا هذا نلوم أنفسنا على تقصيرنا وتخلفنا في بعض المجالات “أو أغلبها”. وحتى نرتقي ونصل لمستوى من يبتكرون الخدمات التي نستخدمها، يجب أن نرتقي فكرياً وبأساليب تسويقنا لأنفسنا، ونذكر بعضنا البعض بذلك.