لماذا ينفق بعض العملاء آلاف الدولارات على حملات إعلانية في الصحف والمجلات والمواقع، ثم عندما يصل الأمر إلى هويته البصرية أو مطبوعاته أو موقعه الإلكتروني، يتوقف طويلاً قبل أن ينفق سنتاً واحداً؟ ينصدم تارة، ويستغرب ويندهش تارة أخرى، ثم يستنكر أو يبخس حق المستقل “بغض النظر عن قيمة المقابل وماهيته”. لماذا يبحث بعض العملاء عن القيم والأسعار المتدنية، بغض النظر عن الجودة أو الميزات، أو حتى راحته ومصداقية إنجاز هذا العمل في وقته؟
دعوني أشارككم بعض الأفكار والنقاط المتعلقة بهذا الموضوع “فكرة بخس المستقل حقه” وعدم التعامل مع أسعاره بجدية واتزان ومنطق.
عملك هو شيء ثانوي
يعتقد بعضهم أن موقعه الإلكتروني أو هويته التجارية أشياء تندرج تحت بند المظاهر والكماليات التي لا تحمل قيمة فعلية أو حقيقية. فإيجار مكتبه الشهري الباهظ، وموقعه المطل على الجبال والوديان، أو حتى ثلاجته وكرسيه وتلك السجادة التي توضع عند مدخل باب مكتبه، كلها أمور يعتبرها أهم من عملك. فهذه الأشياء ملموسة، يراها ويستخدمها يومياً، بينما عملك شيء افتراضي أو وهمي قد يختفي فجأة أو لا يراه أمامه بشكل متكرر ليستعمله ويتباهى به. يظن بعضهم الآخر أن هذه الأمور تخص الشركات والمنشآت الكبيرة، فيخبرك بأن عمله ومكتبه صغير ولا يتطلب دفع كل هذه المبالغ على أمور لا يحتاجها.
المستقلون يتقاضون أضعاف قيمة عملهم
لدى بعض العملاء قناعة راسخة لا يمكن النقاش فيها بأن المصممين أو المطورين يتقاضون دائماً أضعاف القيمة الحقيقية لعملهم. ينبع هذا الاعتقاد من عدم امتلاك العميل الخبرة أو الفهم الحقيقي لنوعية العمل، على عكس معرفته مثلاً بنوع خشب المكتب وبلد المنشأ له. فغالباً يعتقد أن هدفك كمبدع هو اقتصاص أكبر قدر ممكن من المال مقابل تقديم شيء لا يساوي جزءاً صغيراً من القيمة التي أنفقها.
الافتراضي دائماً مرعب
عملك، كونه يعتمد في بنيته وتكوينه على الإنترنت، وسواء كان عميلك موجوداً في نفس الإقليم الذي تعمل به، أو أنه في جزيرة أخرى، يجعله يعتقد بأنك ستأخذ دفعتك الأولى وتفر هارباً منه. لا يستطيع التواصل معك أو حتى مطالبتك بالعمل الذي دفع نصف قيمته. هذه الجزئية من أكثر المفاهيم انتشاراً في مجتمعنا “ورغم أنني لا ألوم من يفكر بهذه الطريقة أحياناً” للعديد من الأسباب، إلا أنها قاتلة للمستقلين.
لا فروق في عملك إلا السعر
يعتقد البعض أن مواقع الويب كلها متشابهة، ولا فرق بينها. المصمم الذي يطلب 1000 دولار ينجز نفس العمل الذي يطلب آخر 50 دولاراً، والفارق الوحيد هو الجرأة في التسعير. بل يميل البعض إلى الاعتقاد بأن عملية التسعير هذه عشوائية تماماً، فيقول لك: “من أين أتى هذا السعر؟ كيف لك أن تطلب سعراً كهذا؟ وما هي التقنية التي حددت بها السعر؟” ولو عرفت الجواب، لا تنس أن تشاركني به.
التوصية وأصدقاء العملاء
كما هو الحال في أغلب المشتريات التي تعتمد على التوصية، فعملك أيضاً يعتمد عليها. هناك دائماً تلك الشريحة المحيطة بالعملاء التي تحظى بأسعار أقل من أسعارك وعروض خاصة جداً. يفضل أغلبهم التعامل مع جهة تعامل معها أحد أصدقائهم بدلاً من التعامل معك، بغض النظر عن النوعية والتفاصيل الأخرى. في نظرهم، أنت جهة مجهولة حتى ولو كنت رقم واحد في مجالك.
خصم الشركات الناشئة
يظن جزء كبير من العملاء أنه سيحصل على خصم 86.6% لمجرد أنه افتتح مكتبه قبل أسبوع وبدأ عملاً جديداً. الحزينة في الأمر هي أن هذه الصورة التي كونها العميل عن نفسه وعن صغر حجم عمله لا تختفي! حتى ولو عاد للتواصل معك بعد أشهر، فشركته الناشئة لم تتغير وما زالت في نظره ناشئة وعمرها أسبوع.
المستقل يسهل مساومته
كونك مستقلًا وشخصًا افتراضيًا يعمل عن بعد، فإمكانية المساومة غير المنطقية تزداد بشكل كبير. لا يتعامل العميل معك وجهاً لوجه، لذا فإن المعاملة والحديث المباشر قد يجبران البعض على الاحترام وطرح الأفكار المنطقية. على عكس التعامل الافتراضي، الذي يجعل بعض العملاء يخلعون عباءة الاحترام ويخرجون كل أفكارهم الباطنية، فيساومونك أو يناقشون عملك أو أسعارك بشكل مستفز.
في النهاية
نقدر جميعاً بحث أي شخص يريد شراء أي منتج أو التعامل مع أي جهة عن الأسعار الأرخص والأنسب له. هذا أمر لا نقاش فيه وبعيد تماماً عن النماذج أو الأفكار التي أردت إيصالها في هذه التدوينة من وجهة نظر المستقل. البحث عن السعر الأنسب والتفكير به يختلف تماماً عن بخس الناس حقهم وإحباطهم بهذه العملية.