من الفكرة إلى الإنجاز: عامين على ديزاين ديل

من الفكرة إلى الإنجاز: عامين على ديزاين ديل

بعض الأعمال والمشاريع تجبرك أحياناً على التوقف والتفكير، ليس فيها فقط، بل في نفسك أيضاً. ليست جميعها مجرد ألوان وأكواد وصفحات تقرأ محتوياتها. بعضها يحمل ذكريات ومقتطفات، وبعضها يحمل رائحة فريدة من الماضي، وبعضها تبتسم فقط عند مشاهدته يعمل.

 

هكذا هي قصتي مع ديزاين ديل. ولمن لا يعرفه، فهو موقع يقدم حزم دورية للمصممين والمطورين، وهذه التدوينة ليست للإعلان عنه، فجزء كبير من قراء مدونتي قد شاهدوه واطلعوا على محتوياته. هذه التدوينة هي مجرد مكان أفرغ فيه شعوري كلما دخلت الموقع.

 

الموقع ظهر للمرة الأولى منذ عامين وكان نتاج عمل مشترك بيني وبين صديقي محمد طحان. فكرته ليست بالغريبة أو الجديدة في الوسط العالمي، فهو مبني على نمط موقع Bundlehunt، لكنه الأول عربياً في هذا المجال وبهذه الطريقة.

 

أذكر جيداً أننا بدأنا العمل على الحزمة الأولى “تصميم، برمجة، ومحتوى” في مقهى صغير في سوريا. كنت أنا ومحمد فقط، نقضي ساعات من التجارب سواء على التصميم أو البرمجة. أذكر أننا أضعنا الكثير من الوقت في تحريك الزر نحو الأعلى بمقدار 1Px، أو تغيير لونه، أو إزالة الـ Shadow، ومن ثم الإعلان عنه. ثم كنا نجلس لنشاهد الرقم الخاص بعدد مرات التحميل وهو يزيد. كان شعوراً رائعاً يجعلني لا أنام ليلاً وأنا أشاهد عدد الزيارات والتحميلات. كان بيننا تحدٍ حول عدد مرات التحميل التي سيصلها الموقع، وكان الرقم المراد الوصول إليه هو 1000. نعم، رقم يبدو الآن سخيفاً في ظل زحمة مشاهدات اليوتيوب المليونية، لكنه لم يكن كذلك لنا. كل شخص قام بتحميل الحزمة، قرأت اسمه. لم تكن غايتنا مئات آلاف المشاهدات، ولا آلاف الدولارات، كل ما كنا نفكر به هو عمل شيء جميل، بسيط، مرتب، يبتسم من يشاهده. هكذا مرت أيام الشهر الأول للحزمة، وقبل نهاية الشهر بعدة أيام وصلتني رسالة من محمد: “مبروك 1000!”

 

أما الحزمة الثانية، فقد بدأنا العمل عليها وأنهيناها على أنغام أصوات الاشتباكات والقصف في سوريا. كانت تلك أياماً سيئة ومزعجة، لكن الآن أتذكر أنني كنت أزامن صوت القصف في كل مرة مع عدد مرات التحميل، وابتسم بيني وبين نفسي. أما الحزمة الثالثة، فكنت قد غادرت سوريا حينها، وقمنا بالعمل عليها عن بعد، وكان هذا سبب تأخرها طويلاً.

 

ثم توقف الموقع لفترة طويلة جداً، ليلحق بي محمد، ونعود لنكمله ونعمل على هذه الحزمة الحالية. أما الجميل في الأمر هو أن هناك ثلاث حزم قمنا بتنفيذها بشكل شبه كامل، يشمل التصميم والبرمجة والمحتوى تقريباً، ثم لم نقم بطرحها. كانت إحداها حزمة خاصة برمضان، وأخرى كانت تحتوي على قالب عربي HTML، وحزمة لواجهات استخدام بصيغتي PSD وHTML. وكل مرة كان سبب إلغاءها مختلفاً.

 

الآن، وعندما أقلب هذه الذكريات سريعاً، أكتشف أن أعمالك أو مشاريعك، أو حتى تلك التصاميم الصغيرة التي عملت عليها لمجرد المرح أو الهرب من عالمك، وحتى تلك الأفكار التي كنت تكتبها على أطراف دفاترك أثناء محاضراتك، كانت أكبر مما تخيلتها آنذاك. بعضها ارتبط بذكرى معينة أو حدث ما، وبعضها تشابك وارتبط بفكرة أخرى من هنا أو هناك وشكل شيئاً أكبر من ذلك. وبعضها أصبح شريط ذكريات متكاملاً يعبر عن حياتك بتفاصيلها؛ نجاحك، فشلك، إحباطك، مثابرتك، حزنك، أو حتى سعادتك بأشياء أبسط من أن تُذكر. وكلما ذُكر اسمه أو رأيت جزءاً منه… تذكرت نفسك.

Leave a comment

Please note, comments need to be approved before they are published.