إن صح الوصف، فإنها تجربتي الحقيقية مع الماك، دون وجود أي شيء متعلق بويندوز، خصوصاً بعد تلك العشرة الطويلة بيننا. فهو انتقال كامل دون رجعة، وحتى اليوم مضى عليَّ قرابة الأسبوع لم ألمس فيها قائمة “ابدأ”. وهذا ما جعلني أشارك تجربتي معكم، خصوصاً بعد التشجيع من أكثر من شخص، ومتابع، على أن أقدمها بوجهة نظري. لكن قبل قراءة التفاصيل، اقرأ التالي: إن ستيف جوبز ليس أبي، ولا أخي، ولا ابن عمي، ولا خالتي حتى. أيضاً، شركة أبل لا أملك منها أي سهم، ولم أعمل بها سابقاً. لذا، كل ما أكتبه هنا هو تجربة شخصية، وكل كلمة أقولها بناءً على تجربتي فقط. فسواء أحببت الشركة أم لا، لا تحكم على كلماتي بأي حكم بعيد عن عبارة “تجربة شخصية ورأي شخصي فقط”.
أبل وأنا سابقاً
أذكر أن آخر مرة عملت فيها بشكل بسيط على جهاز ماك كانت قبل سنة تقريباً. كانت على جهاز الماك بوك الأبيض، وكان عملي محدداً على الفوتوشوب فقط. حتى أنه لم يتسن لي اكتشاف النظام بشكل كامل. كانت تجربة بسيطة لكنها متعبة في نفس الوقت، كونك تعمل على اختصارات مغايرة تماماً لما تعودت عليه في ويندوز لسنوات عديدة، وما قبلها كانت في سنواتي الدراسية. حيث أحضرت الإدارة حينها جهازين من نوع آي ماك الملون. كان الجهاز للفرجة فقط، حيث يمر الطلاب من أمامه مذهولين به، وببساطته، وفكرته. وكان تركيز من حظي بشرف التجربة هو عدم وجود زر “تحديث” (refresh) لسطح المكتب. لا أدري لما لم يركزوا على أشياء أخرى غير ذلك. أعتقد أن السبب هو أن مدة استخدام كل طالب له لا تتجاوز الدقيقة بغية الاكتشاف فقط والتباهي بأن الإدارة الفلانية أحضرت جهازين من أبل بالسعر الفلاني.
كانت نظرتي حينها للماك بأنه شيء غريب، راقٍ جداً، وباهظ الثمن. وكنت أعرف أن المدير التنفيذي للشركة، ستيف جوبز، لكن لم أعرف شيئاً عنه هو الآخر سوى أنه سوري الأصل، وكان مضرب مثل أحد المحاضرين الشجعان عندنا. كل هذا كان في فترة 2004 على ما أذكر… إلى أن وصلنا لعامنا هذا، وأنا أفكر في الماك، لكني لم أفكر مرة في اقتنائه بشكل جدي. كان مضرب مثل لي، وقدوة، ومصدر إعجاب بالإعلانات والتسويق، لا أكثر.
المهم، عزمت أمري منذ فترة على اقتناء ماك بوك برو. صحيح أني ترددت قليلاً عندما خطر ببالي الآي ماك بدلاً منه، لكني في نفس الوقت فكرت بأن يومي بطوله أقضيه على اللابتوب، ومن المستحيل التحول للديسك توب بهذه البساطة، خصوصاً وأني قد أعمل في كل مكان، والديسك توب هو مجرد مساعد لبعض العمليات لا أكثر.
النقطة الرائعة عندي هنا أنه لا يوجد أي ستور معتمد، ولا حتى موزع معتمد. الآي ستور الموجود عندنا مقلد ولا يصلح لشيء، والمحلات التي تبيع الماك يمكنك وصفها بالغباء ببساطة، خصوصاً عندما ينصحك المسؤول عندهم وبكل ثقة، وبعد أن أخبرته ألف مرة بتخصصي، بجهاز ماك بوك أبيض وأنت تعرف أن أبل أوقفته، ويصر على أنه ما زال يباع، ثم لينصحك بالسوني فايو. المهم، ولله الحمد، حصلت على ماك بوك برو 13 إنش وقمت بترقية الرامات إلى 8 جيجا. وكان اختياري للـ 13 لعدة أسباب أهمها التنقل الدائم، وخصوصاً بعد معاناتي من جهازي السابق.
الانطباع الأول
بالتأكيد، كوني متابع من الدرجة الأولى لشركة أبل، فحتى دون الحصول على أحد إبداعاتها، “بغض النظر عن الأيفون والأيباد”، أقصد إبداعاتها في الحواسيب. أعرف جميع أشكال أجهزتها وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، وكل شيء يخصها، حتى الصناديق الخاصة بها أعرفها حق المعرفة.
ومع كل ذلك، كان انطباعي عن غلاف الجهاز أنه رائع ببساطته، خصوصاً صغر حجم العلبة وأناقتها وبساطة محتوياتها المقتصرة على:
1. شاحن ووصلة للشحن (لم أعرف لماذا تُستخدم تلك الأخرى)
2. كاتالوج رائع لا يحوي غلافه سوى عبارة “hello”
3. مغلف صغير الحجم يحتوي على قماشة محفور عليها الشعار لمسح الجهاز، وملصقات أبل
4. والجهاز طبعاً!
انطباعي عن الجهاز نفسه
أول شيء ستلاحظه عند إخراج الماك بوك هو روعة المواد المستخدمة في تصنيعه. زر التشغيل في الأعلى لفت نظري مباشرة، ثم إضاءة لوحة المفاتيح، والأكثر من هذا كله دقة العرض والألوان الخاصة بالشاشة. رائعة بكل معنى الكلمة، وكأنني أول مرة في حياتي أرى جهاز ماك. كنت فعلاً متعجباً من كل شيء يخص التفاصيل والتفاصيل والتفاصيل. يا أخي، حتى الشاحن ملفت بطريقة مغنطته عند الوصل.
المشاكل التي واجهتني
بالتأكيد، جميعنا يعرف مسبقاً أن الماك لا يقبل امتداد ملفات الويندوز (exe)، لذا هي نقطة بديهية وغريبة لحديثي العهد مع الماك “تشعر أنك مقيد” في أول الأمر.
اختلطت عليّ كل أزرار الجهاز، بدءاً من Ctrl وAlt حتى أزرار تغيير الإضاءة. فقد كنت أخلط بين إضاءة لوحة المفاتيح وإضاءة الشاشة.
لنأتي الآن إلى المشكلة المصيرية التي خيبت أملي وقتلت الفرحة… إنها مشكلة الفوتوشوب. نعم، فقد قمت بتنصيبه لأفتح مستنداً جديداً وأبدأ ببعض الأمور البسيطة لتجربة التعامل معه لأكتشف أن الأداء أسوأ مما يتخيله أي إنسان. وكأنك تتعامل مع معالج 400 وذواكر 256 وكرت شاشة مدمج 16 (ملاحظة: هذه مواصفات أول جهاز حاسب حصلت عليه).
وسبحان الله، لم يخطر ببالي البحث في الإنترنت أبداً. قمت بإعادة تنصيبه أكثر من مرة إلى أن هداني الله لتجربة البحث لأكتشف أنها مشكلة عالمية يمكن حلها ببساطة بحذف نوعين من الخطوط وإلغاء خاصية عرض الخطوط. وحمداً لله، بدأت المتعة التي تمثلت معي بالفوتوشوب والإلستريتر سوية. وصراحة، أداء رهيب قادني لتجربة 25 برنامجاً يعمل في الخلفية، منهم الفوتوشوب والإلستريتر والإكسل والوورد وغيرها. فتحت مستنداً على الفوتوشوب بقياس 50 سم * 70 سم وبدقة 120 سم، والعمل عليه بسلاسة غريبة رغم وجود كل تلك البرامج التي تعمل في الخلفية والتي لم أتوقف عن التنقل بينها، منتظراً منه أن يظهر لي مشكلة ما.
نعم، قد يخبرني أحدهم أن كل تلك المعلومات بديهية وقد سمعنا عنها كثيراً، ومنكم من جربها، لكن التجربة الشخصية تختلف تماماً وهي ما يجعلك متفاجئاً حقاً، خصوصاً لمن جرب الويندوز.
ملاحظة: سينتابك شعور يشبه شعور المدخنين عند محاولة الإقلاع عنه. لا تقلق، سرعان ما سيتلاشى في يومه الرابع أو الخامس.
حتى الآن، لم أواجه مشاكل سوى ظهور شاشة الموت السوداء مرة واحدة في أول يوم. وأعتقد أن السبب هو الفوتوشوب.
كلمات مفتاحية
هذه أشياء أعشقها في الجهاز سأختصرها في كلمات بسيطة وسريعة: تصميم الجهاز، الكيبورد المضيء، الشاشة الساطعة، التفاحة المضيئة بالخلف، درجة لون الأزرار السوداء، حجم التاتش باد، كتابة الماك بوك برو على الشاشة، مواد التصنيع، صندوق الجهاز وكل ما فيه، أداء النظام، التفاصيل في كل شيء، وكوب النيسكافيه بالقرب منه.
أخيراً…
أنا أحب شركة أبل، وهذه النقطة قد تجعلني أرى وأقول أشياء فيها قد لا يراها شخص آخر ولا تناسبه. لذا أنا في هذه التدوينة أكتب عن رأيي الشخصي فقط وانطباعي وطريقتي في التفكير، متمنياً الإفادة لمن سيجدها والاستمتاع لمن يحب الشركة.